كيف حوّل هانسي فليك “الفرسان الصغار” في برشلونة إلى أبطال

16 مايو 2025 - 6:17 ص

كيف حوّل هانسي فليك “الفرسان الصغار” في برشلونة إلى أبطال

عندما قال المدافع السابق لليفربول، آلان هانسن، في بداية موسم 1995-96 في الدوري الإنجليزي: “لا يمكنك الفوز بأي شيء بالأطفال”، رد عليه السير أليكس فيرغسون بمجموعة من النجوم الشباب الذين حققوا الثنائية التاريخية مع مانشستر يونايتد، وأثبتوا أن الرهان على الشباب ليس خاسرًا.

واليوم، يرى كثيرون أن “فرسان برشلونة الصغار” يسيرون على نفس النهج تحت قيادة المدرب الألماني هانسي فليك، بعدما قاد الفريق للفوز بلقب الدوري الإسباني (لا ليغا) رسميًا عقب الانتصار 2-0 على إسبانيول، بالإضافة إلى التتويج بـ كأس الملك (كوبا ديل ري) في أبريل.

وبفضل الجرأة، والانطلاق، واللعب دون خوف، تمكن فليك من إعادة البسمة لعشاق برشلونة ومحبي كرة القدم الجميلة، بعد سنوات من التراجع والمشاكل المالية.

نجوم شباب يقودون الحلم الكتالوني

من بين النجوم الذين أذهلوا الجماهير هذا الموسم: لامين يامال (17 عامًا)، باو كوبيارسي (18 عامًا)، وبيدري (22 عامًا). ويعتقد الكثيرون أن هذا الجيل قد يكرر إنجازات فريق بيب جوارديولا الأسطوري بين عامي 2008 و2011.

ومع أن الأمر يبدو صعبًا، إلا أن المعدل العمري للفريق – الذي لا يتجاوز 25 عامًا – يُعد الأدنى في الليغا، وهو ما ساعد في ظهور هذا الجيل الشاب.

الأزمات المالية التي عانى منها برشلونة في السنوات الأخيرة، منعت النادي من التعاقد مع نجوم كبار، بل وحتى تسجيل لاعبيه الجدد، ما أجبره على اللجوء إلى أكاديمية لاماسيا وإعطاء الفرصة للشباب.

خطة فليك الذكية: الثقة وإعادة البناء

حين وصل هانسي فليك إلى برشلونة قادمًا من بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا، وجد أن بعض النجوم الكبار مثل روبرت ليفاندوفسكي، رافينيا، وفرينكي دي يونغ كانوا يعانون نفسيًا بسبب تراجع ثقتهم بأنفسهم وشعورهم بعدم الترحيب بهم في الفريق.

فليك بدأ بإعادة الثقة لهؤلاء، وأخبرهم أنهم عناصر أساسية في مشروعه. وكانت النتيجة واضحة: ليفاندوفسكي سجل 25 هدفًا في الليغا، ورافينيا أحرز 18 هدفًا.

لكنه لم يكتفِ بذلك. لقد لاحظ أن الشباب في الفريق لم يحصلوا على المكانة التي يستحقونها رغم مشاركتهم في ظل الظروف المالية. ومنحهم فليك الدور القيادي، ليس فقط على أرض الملعب، بل حتى في غرفة الملابس – حيث سمح لهم باختيار الموسيقى مثلًا.

إدارة ذكية ومشاركة عادلة

أظهر فليك احترامًا كبيرًا لجميع اللاعبين، حتى أولئك الذين لا يشاركون كثيرًا. كان يخبرهم بأن فرصتهم ستأتي، خاصةً مع الإصابات المتوقعة.

ولم يطلب فليك الكثير من التعاقدات، سوى التوقيع مع داني أولمو وباو فيكتور، ولم يُضف أي لاعب في الشتاء. كما أنه يمنح اللاعبين الحق في التعبير عن حالتهم البدنية قبل أن يقرر إراحتهم، مما زاد من ثقة اللاعبين به.

رغم الضغوط الإعلامية المعروفة في برشلونة، حافظ فليك على صدقه وهدوئه، حتى عندما مر الفريق بفترة صعبة خسر فيها أربع مباريات وجمع خمس نقاط فقط من أصل 21 قبل عطلة الكريسماس.

يامال، القائد الصغير

تعامل فليك بحذر مع لامين يامال، الموهبة الشابة التي تريد لعب كل دقيقة ولمس كل كرة. ورغم نجوميته، لا يتردد فليك في تذكيره بأن الانضباط الدفاعي مطلوب، وإلا فالمقعد الاحتياطي في انتظاره.

وفي الكلاسيكو ضد ريال مدريد، تفوق يامال في استرجاع الكرات حتى على قلبي الدفاع وعلى بيدري، أفضل لاعب وسط دفاعي في إسبانيا.

دفاع شجاع.. وأسلوب محفوف بالمخاطر

اكتشف فليك الحاجة إلى قائد دفاعي، فوجد ضالته في المخضرم إينيغو مارتينيز، الذي اضطر للعب بخط دفاع متقدم للغاية رغم افتقاده للسرعة، لكنه أدى الدور بإخلاص وبالتزام كامل بتعليمات المدرب.

رغم نجاح الفريق، إلا أن فليك يدرك أن برشلونة ما زال بحاجة إلى تطوير السيطرة على المباريات، خاصة بعد استقباله 24 هدفًا في 14 مباراة بدوري أبطال أوروبا، وفشله في الوصول إلى النهائي.

الانضباط: الحضور والملابس الرسمية

من الأمور التي يوليها فليك أهمية قصوى: الانضباط والالتزام بالمواعيد. ثلاث مرات هذا الموسم، تم استبعاد جول كوندي من التشكيلة الأساسية بسبب التأخير عن الاجتماعات. وحتى الحارس إيناكي بينيا تم استبعاده من نصف نهائي السوبر الإسباني لنفس السبب.

أما الملابس الفاخرة التي يعشقها اللاعبون، فقد أصبحت من الماضي. الجميع – بما في ذلك الإداريين – يلتزمون الآن بارتداء زي النادي الرسمي في السفر.

فليك الجديد: بلا ألم.. ومليء بالحماس

بعد خضوعه لعملية تغيير مفصل الورك، عاد فليك أكثر حيوية وأقل توترًا، وركز تمامًا على عمله في برشلونة، دون أن يعاني من الآلام الجسدية التي كانت تلاحقه.

ورغم أنه ينتهي عقده بنهاية الموسم المقبل، إلا أن استمراره غير مشكوك فيه. لكنه لا يخطط لتوقيع عقد طويل الأمد، مفضلًا التركيز على الحاضر والعمل المستمر.